في بيان مفعم بروح الوفاء واستحضار المواقف الخالدة، استعاد أمير الجماعة الإسلامية في بنغلاديش، الدكتور شفيق الرحمن، يوم 11 ديسمبر، سيرة الشهيد عبد القادر ملا، مساعد الأمين العام السابق للجماعة، وأحد أعلام الصحافة والفكر والإصلاح في البلاد
وقال أمير الجماعة في بيانه: إن الشهيد عبد القادر ملا كان واحدا من الرجال الذين وهبوا حياتهم للفكرة التي آمنوا بها، وساروا على نهجها حتى اللحظة الأخيرة من عمرهم. لقد عاش مناضلا في سبيل إقامة المجتمع الإسلامي، وأدى دورا بارزا في ميادين السياسة والفكر والتعليم والبحث، تاركا بصمات لا تزال شاهدة على سعة عطائه وصدق انتمائه. وفي حراك التسعينيات ضد الاستبداد، حمل مسؤولياته في لجنة الارتباط بثبات وإقدام، ووقف نصيرا للديمقراطية، وسيادة القانون، والعدل، والحقوق الأصيلة للشعب. وكان جنديا من جنود الكلمة، يبث الوعي، ويستنهض الضمائر، ويوقظ العقول بما يخطه قلمه من حق وحكمة
وفي 13 يوليو 2010، اعتقل ظلما في قضية سياسية ملفقة، ثم أحيطت محاكمته بجملة من التهم المؤامراتية التي افتقدت أدنى معايير العدالة. وبعد الحكم بالسجن المؤبد، تحركت آلة السياسة مجددا لتغيير القانون تحت ضغط المنصات المصطنعة، وتقديم طعون جديدة، انتهت بقرار الإعدام. ولم يتح له حق الدفاع الأخير، ولا فرصة المراجعة، بل سارعوا إلى تنفيذ الحكم في ليلة 12 ديسمبر 2013 عند الساعة 10:01، قبل صدور الحكم الكامل في المراجعة التي لم تنشر إلا بعد تنفيذ الإعدام بنحو عام ونصف. وكل ذلك يشي بجلاء أنه كان ضحية لمسرحية قاسية سميت ظلما بالعدالة
وقد ترك لنا الشهيد كلماته الخالدة قبل ارتقائه: إن الحكومة تقتلني بلا جرم، وإن قطرة دم مني ستوقد جذوة الإيمان في قلوب العاملين في الحركة الإسلامية. كلمات تشبه وصايا الرجال الكبار، الذين يرحلون بأجسادهم، وتبقى أرواحهم تسري في وجدان الأمة
نستذكر اليوم إسهاماته المشهودة بكل إجلال، ونسأل الله أن يتقبل شهادته في عليين. وإنني أدعو أبناء الجماعة كافة، والمحبين، وأهل الفكر والرأي، وأبناء هذا الوطن، إلى المضي قدما في تحقيق الحلم الذي عاش له واستشهد من أجله: إقامة مجتمع إسلامي راشد، ينهض بالبلاد، ويقيم ميزان العدل، ويمنح الإنسان كرامته وحقه في الحياة الكريمة