الشهيد محمد قمر الزمان موهبة سياسية قلما تولد

إن الشهيد السيد قمر الزمان هو اسم ، و حركة ، و موهبة عجيبة ، و زعيم فذ في طليعة الحركة الإسلامية في القرن ، و طالب ألمعي في كلية الإعلام و الاتصال في جامعة داكا ، و قد حلم ببنغلاديش تزدهر و تتطور بالعلوم و المعارف الحديثة معا .
و إنه لعب دورا مهما في تأسيس تنظيم إسلامي ملتقى الأذكياء و الأتقياء و الشهداء من طراز اتحاد الطلاب الإسلامي في بنغلاديش و تزعم فيه تزعم الرائد .
و قد اطلع شعب هذه الديار على تناقض أساسي عن تاريخ الغرب و حضارتهم و مجتمعهم بكتابته الحادة و تأليف المقالات و تدبيجها ، و لقد قام بمجهود جبار في تغيير المجالات السياسية بهذه البلاد .
و زاد اليساريون و العلمانيون استعلاما و استخبارا عن الإسلام بإلقاؤه الرائع في المؤتمر و الاجتماع و الندوة في داخل البلاد و خارجها .
و من ثمة كيدت له مكيدة القتل و الاغتيال و كان ذهابه ضحية الحاسدين في نهاية المطاف .
و إنه رجل وسعه الشيخ غلام أعظم رحمه الله في السياسة ، و انجلت براعته و مهارته في مدة قصيرة ، و الذين هم خائبون في المنافسة الأيديولوجية و شعروا بالإحباط يريدون حل الحركة الإسلامية و شلها ، و لم تبق في أيديهم حيلة إلا حبكها و دبرها في القتل و الاغتيال و الاختفاء ، و دبر له المعارضون حيلة القتل و الاغتيال بسبب ذكائه و براعته و قيادته مخافة فشلهم في الانتخابات الوطنية بما أنه أحرز شعبية كبيرة في منطقته .
إن الشهيد قمر الزمان هو سياسي بارز و كاتب شهير و مثقف جليل و صحفي كبير و شخص إسلامي ، و كان قد غمره حب الملايين من الناس في أرجاء المعمورة و سالت الدموع في سجاد صلاتهم هذا اليوم من عام ٢٠١٦م .
مولده و نشأته :
ولد السيد قمر الزمان في أسرة متدينة إسلامية في مدينة شير بور عام ١٩٥٢ م ، و السيد إنسان علي شاركار هو والده ، و صالحة خاتون هي والدته .
و ثمة تلقى دراسته الابتدائية في مدرسة ابتدائية حكومية ، و التحق بمعهدالجكم ، و أحرز منحة دراسية في صف ثالث الإعدادي ، و أكمل ثاني الثانوي من معهد الجكم بامتياز عام ١٩٦٧م ، و التحق بكلية عاشق محمود بجمالبور عام ١٩٦٧م ، و لم تتح له فرصة المشاركة في الاختبار بدوافع سياسية في البلاد ، ثم أتم ثالث الثانوي من كلية ناصر آباد من ميمنسنغ عام ١٩٧٢ م .
و في عام ١٩٧٤ م تخرج في البكالوريوس من الكلية النموذجية بداكا بإتقان ، و التحق بجامعة داكا من إجل إنجاز الماجستير في قسم الصحافة و الاتصال ، و قد حصل على منحة دراسية في جامعة داكا كطالب مقيم في مسكن سليم الله المسلم ، و في عام ١٩٧٦ م أكمل دراسة الماجيستير في قسم الصحافة و الاتصال من جامعة داكا بامتياز .
و كان طالبا ألمعيا ، و انجلت براعة ذكائه في كل اختباره .
و في عام ١٩٧٧م تزوج السيد قمر الزمان بالسيدة نور النهار ، و له منها خمسة أبناء، و هم حسن إقبال وامي ، و حسن إقرام والي ، و حسن زمان واسي ، و حسن إمام وافي ، و أحمد حسن صافي .
انتظامه في السياسة الطلابية :
انضوى السيد قمر الزمان تحت ظلال الحركة الطلابية الإسلامية بدعوة شخص إسلامي بارز من مدينة شاربور ، و كان آنذاك طالب الصف التاسع في معهد الجكم ، و التحق بها بنشاط و حيوية بعد دخوله في الكلية .
و في عام ١٩٧٧م تأسست منظمة الاتحاد الطلابي ، و انتخب قمر الزمان رئيس فرع بلدية داكا لهذه المنظمة ، و بعد فترة أصبح هو الأمين العام لها ، و فيما بعد انتخب رئيسها المركزي في عام ١٩٧٨ م ، و تزعم فيها إلى ١٩٧٩ م .
مهنته :
و بعد انتهاء السيد قمر الزمان حياته الطلابية اختار الصحافة مهنة له و استسلمها بطيبة النفس ، و في عام ١٩٨٠ م بدأ حياته المهنية كمحرر تنفيذي في مجلة داكا ديجست البنغالية ، و في عام ١٩٨١م سلمت على عاتقه زعامة تحرير جريدة الشونر بنغلا الأسبوعية ، و بدأت جريدة الشونر بنغلا الأسبوعية بعاملين فقط ، و تم نشرها و طبعها على عهد حسين محمد إرشاد بكتابتها ضد الحكومة المستبدة العسكرية ، و أحرزت شعبية كبيرة بمقالتها السياسية و تحليلها المبدع ، و وصلت إلى مكانة أوائل الجرائد الأسبوعية الأكثر شعبية سياسية .
و كان رئيس التحرير لها حتى قبيل دخوله السجن .
و قد نشر بنفسه جريدة أسبوعية مستقلة بمساعدة أشخاص ، و فيما بعد توقف نشرها .
و قد قام بمسؤولية المحرر التنفيذي في جريدة الشنغرم اليومية عشر سنين من عام ١٩٨٣ م إلى ١٩٩٣ م .
و كان من أعضاء نادي الصحافة الوطني و اتحاد الصحفيين بداكا ، و في عام ١٩٨٥م انتخب قمر الزمان عضو المجلس التنفيذي لاتحاد الصحفيين الفدرالي في بنغلاديش .
التحاقه بالجماعة الإسلامية :
من خلال إنجاز المسؤوليات المهنية انتظم السيد قمر الزمان في الجماعة الإسلامية في عام ١٩٧٩م ،و أصبح عضوا لها .
و كان أمين الدعاية المركزي للجماعة الإسلامية من عام ١٩٨٢م إلى ١٩٩٢ م ، و في عام ١٩٩٢ سلمت على عاتقه مسؤولية الأمين العام المساعد للجماعة الإسلامية .
و كان لعب دورا مهما في الحركات الجمهورية ضد الحكومة العسكرية المستبدة حسين محمد إرشاد من عام ١٩٨٣م إلى ١٩٩٣ م ، و لعب دورا كبيرا أيضا في حركة إقامة الحكومة المؤقتة من عام ١٩٩٣م إلى ١٩٩٥ م .
و كان السيد قمر الزمان قام بمسؤولية عضو مجلس الشورى و المجلس التنفيذي و المجلس الأعلى و الأمين الدولي و المجالس المتعددة للجماعة الإسلامية في بنغلاديش
و في عام ١٩٩٦ م بعد استسلام حزب رابطة العوام السلطة كان السيد قمر الزمان من كبار قادة مجلس تشكيل تحالف الأحزاب الأربعة ، و قد بذل جهودا مشكورة من أجل توحيد القوة الإسلامية و الوطنية ، فكان يشهد منتديات كثيرة و ناديات عديدة و حفلات جديدة و محاضرات متعددة بنشاط و خفة .
زيارته الخارجية :
و زار الزعيم الشعبي السيد قمر الزمان دولا عديدة من العالم ، و منها الهند ، و النيبال و المملكة العربية السعودية ، و إيران ، و باكستان و تايلند ، و هونك كونك ، و المملكة المتحدة ، و الولاية المتحدة ،و الإمارة المتحدة العربية ، و كاندا ، و فرنس ، و السويسرا ، و اليابان ، و ماليزيا ، و سنغافورة ، و كوريا الجنوب ، و أستراليا ، و إندونيسيا ، و إيطاليا ، و ألمانيا ، و تركيا ، و البحرين ، و الكويت و اليمن و بروناي .
كتابته :
كان السيد قمر الزمان يألف مقالات متعددة و يدبجها في مواضيع شتى داخلية و خارجية ، و قد تم نشر كتابته في مجلات عديدة .
و حصلت كتبه على شعبية كبيرة لدى القراء ، و من كتبه الانقلاب الإسلامي في العصر الحديث ، و تحديات الغرب و الإسلام ، و الأوضاع العالمية و الحركة الإسلامية ، و الزعيم المجاهد الأستاذ غلام أعظم ، و الشيخ سعيد بديع الزمان النورسي .
مشاركته في الانتخابات الوطنية البرلمانية :
و شارك السيد قمر الزمان في الانتخابات الوطنية البرلمانية عدة مرات و أحرز كما كبيرا من الأصوات في كل انتخاب وطني ، و له شعبية عظيمة في مناطق الانتخابات ، ولكنه شعر بالإحباط في كل مرة ، و وراءه تزييف و تزوير من المرشح المعارض .
اعتقاله :
و في عام ٢٠١٠م اعتقل السيد قمر الزمان من ساحة المحكمة العليا في بنغلاديش ، و زج به في السجن .
و اتهم بظنن لا أصل لها من الصحة ، و وراءها دوافع سياسية ، و أمضى عدة سنوات في الزنزانة الحالكة من السجن ، و ذهب ضحية السياسيين الحاسدين المعارضين العلمانيين ، و قضت المحكمة في حقه بحكم الإعدام .
و في عام ٢٠١٦ م تم عليه تنفيذ الإعدام .
و استشهد السيد قمر الزمان و انتقل إلى رحمة الله .
دفن الشهيد السيد قمر الزمان بجوار دار الأيتام التي أسسها في حياته في مدينته .
و بعد دفنه شهدت المدينة جمعا غفيرا يأتون لزيارة مقبرته ، و دخل الناس في تلك المنطقة أفواجا أفواجا لزيارة قبره من كل أنحاء البلاد ، و صليت عليه صلاة جنازة الغائب في كل بقعة من بقع البلاد و في كل أرجاء المعمورة .
" يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي و ادخلي جنتي "
اللهمّ أدخله الجنّة من غير مناقشة حساب، ولا سابقة عذاب.
اللهمّ اّنسه في وحدته، وفي وحشته، وفي غربته. اللهمّ أنزله منزلاً مباركاً، وأنت خير المنزلين.
اللهمّ أنزله منازل الصدّيقين، والشّهداء، والصّالحين، وحسن أولئك رفيقاً.
اللهمّ اجعل قبره روضةً من رياض الجنّة، ولا تجعله حفرةً من حفر النار.
اللهمّ افسح له في قبره مدّ بصره، وافرش قبره من فراش الجنّة .
آمين ، يا رب العالمين .