6 January 2017, Fri

نظرة الجماعة الإسلامية حول الإرهاب

إن الجماعة الإسلامية البنغلاديشية تؤمن إيمانا كاملا وجازما بأن الإسلام ليس له صلة بالإرهاب، وبالتالي تعارض الجماعة الإسلامية الإرهاب بجميع صورها وأشكالها، والاطروحه التالية لأمير الجماعة الإسلامية الشيخ مطيع الرحمن نظامي يوضح وجهات نظر الجماعة الإسلامية حول هذه القضية
إن الإسلام هو منهج متكامل للحياة،هو المنهج الذي تركه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالإسلام يهدف إلى ضمان السلام وتحقيق الرفاه الاجتماعي والأمن للجميع، بغض النظر عن الجنسية أو العقيدة أو اللون أو الدين. وللإنسان في الإسلام الحقوق التي تضمن تكريم الإنسان وعدم إهانته،وتجعل من بقائه وحياته ضرورة وواجب على بقيّة البشر الحفاظ عليها، وحق الحياة في الإسلام هو أوّل الحقوق التي يتمتّع بها الإنسان وأهمّها،ولا يقتصر هذا الحق على الإنسان المسلم، بل يشمل كل البشر،والإسلام لا يضمن تلبية الاحتياجات الأساسية ولا يحمي حقوق الإنسان الأساسية للمسلمين فقط بل يضمن تلبية الاحتياجات الأساسية لغير المسلمين أيضا،ويمنحهم فرصة آداء شعائرهم وطقوسهم الدينية بكل حرية ويضمن لهم توفير أجواء مناسبة للتعايش السلمي.
إن الله سبحانه وتعالى منح الحرية للجميع في مسألة قبول الإسلام من عدمه، ولا شك أن الاسلام نهى عن إجبار أحد على اعتناق الاسلام ،حيث قال الله سبحانه وتعالى في محكم تنزيله: فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ، وقال في موضع آخر " لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ "
هذه الآيات القرآنية ينص بوضوح على أن العلماء عليهم واجب عظيم ومسئولية خطيرة، فإن عليهم أمر الناس وإرشادهم إلى الخير وترغيبهم فيه، وتحذيرهم من الشرّ وترهيبهم منه، وليس إجبار أحد على اعتناق الإسلام. وقد حذر الله سبحانه وتعالى نبيه (صلي الله عليه وسلم) من خلال الآيات التالية:
فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر [ سورة الغاشية: 21، 22]. وفي الواقع، فإن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام على مر العصور والأزمان دعو الناس إلى الإسلام وواجهوا معارضة شديدة في طريق دعوتهم وتعرضوا لصنوف من القمع والتعذيب والاضطهاد. ومع ذلك، لم يحاولوا الانتقام.
بعض الأنبياء عليهم الصلاة والسلام شاركوا في الحروب، وبطبيعة الحال، تلك المشاركات كانت عندما مكنهم الله في الأرض وكانت من أجل السلام، ومن أجل تخفيف معاناة الإنسان المضطهد وتحريره من قبضة الظالمين،وتلك الحروب كانت تهدف إلى إحلال السلام والرفاه والعدالة وحماية الأرواح والممتلكات وشرف الإنسانية.
إن ما نشاهده اليوم في عالمنا من تعدد وسائل الإرهاب مع اختلاف المظاهر والأشكال ليست لها أية علاقة لا من بعيد ولا من قريب بالإسلام، والتعاليم الإسلامية، والثقافة، والتاريخ الإسلامي والعادات والتقاليد الإسلامية. وعلى الرغم من هذا،وعندما بدأت شمس الصحوة الإسلامية تشرق من جديد بعد أفولها لفترة سلك شخصيات ظهرت في الآونة الأخيرة يحملون أسماء إسلامية ما يميزهم أنهم عديمي الضمير والأخلاق طريق الإرهاب سبيلا لإقامة الإسلام، ما أدى إلى تبديد الحلم الذي كان يراود الجميع بتنامي الصحوة الإسلامية من جديد .
في الحقيقة،أن الحضارة المدنية الحديثة هي الآن على وشك الانهيار، ذلك أن المخاوف من تنامي الصحوة الإسلامية من جديد قد أرعبت أعداءها ولهذا بدأوا ينسجون خيوط المؤامرات ضد الإسلام والأمة الإسلامية. وحتى يستطيع الأعداء تنفيذ مؤامراتهم على أرض الواقع يحتاجون إلى بيئة خصبة،وقد ساعدت شخصيات ممن يحملون أسماء إسلامية الأعداء الذين يريدون شن هجمة شرسة على المسلمين في نشأة هذه البيئة الخصبة.
إن من المتعارف عليها عالميا وإسلاميا وبإجماع جميع الشخصيات والأحزاب والمؤسسات السياسية والإسلامية بمختلف توجهاتها وأفكارها على أن النشاطات الإرهابية من أجل إقامة الدين ونشر الإسلام ليست متوافقة على الإطلاق مع التعاليم الإسلامية السمحة،وعلى الرغم من ذلك، فإن عددا من المثقفين والإعلاميين ممن يحملون أسماء إسلامية والذين ينتمون لمختلف التيارات مثل أعضاء المجتمع المدني المدعومين بشكل قوي من قبل الصهاينة، يحاولون بشكل محموم ربط الحركة الإسلامية مع ما يسمى بالإرهاب الإسلامي وإيجاد صلة بها رغم أن الجهود التي يبذلها المسلمون لإقامة الدين ونشر الإسلام بعيدة كل البعد عن الإرهاب وتعاريفها وأشكالها وصورها التي نشاهدها ونراها اليوم .
إن المعنى الحقيقي للإرهاب هو استخدام أو تهديد باستخدام العنف ضد أفراد ، ويعرض للخطر أرواحًا بشرية بريئة ، أو تهديد الحريات الأساسية للأفراد لأغراض سياسية بهدف التأثير على موقف أو سلوك مجموعة مستهدفة بغض النظر عن الضحايا المباشرين، وعندما تحاول أقلية فرض رأي أو قرارأو حكم على الأغلبية الساحقة او الأكثرية للشعب فإن هذا يعني أن الإرهاب أخذ شكلا وقالبا سياسيا ،ويمكن تسمية هذه المحاولة بأنها محاولة من مجموعة صغيرة لفرض رأيها على الأغلبية من خلال استخدام الوسائل اللاإنسانية،والوحشية،وغير الديمقراطية،هذا الإرهاب السياسي بعيد تماما عن القيم والمبادئ والتعاليم الإسلامية السمحة،وهذا ما دلت عليه الآية القرآنية التالية بوضوح: إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم "
النبي محمد صلى الله عليه وسلم ولد في مكة المكرمة،وتلقى الوحي فيها، بدأ يدعو سكان مكة المكرمة إلى الله سبحانه وتعالى واستمر دعوته لـ 13 عاما، عمل بكل تفان وإخلاص من أجل نشر الدعوة الإسلامية، ولكن لماذا انتصر الإسلام في المدينة المنورة بدلا من مكة المكرمة ؟ الإجابة هنا هو أن سكان المدينة المنورة قبلوا الإسلام من الوهلة الأولى وقبلوا قيادة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وكانوا على قلب رجل واحد فيما رفض سكان مكة المكرمة ذلك، وقد التف سكان المدينة المنورة حول النبي صلى الله عليه وسلم ووضعوا الأساس لنظام اجتماعي إسلامي، فإذا يريد المرء أن يقيم الدولة الإسلامية على غرار الدولة الإسلامية التي أقامها النبي محمد صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة فعليه أن يتبع ما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة من تعليمات وإرشادات وبدون ذلك يستحيل على المرء أن يحلم بها .
مما سبق ذكره نستطيع أن نقول وبكل تأكيد إن الإسلام ليس له علاقة على الاطلاق بالإرهاب الذي نراه اليوم بمختلف صورها وأشكالها .
إننا إذا نريد ان نسلط الضوء على تعريف الإرهاب وأخذ نبذة تعريفية عنها فإن موسوعة الكتاب العالمية في طبعتها الصادرة عام 1989 تضمنت تعريفا وافيا وشاملا للإرهاب في صفحاتها 178 و179 ،آملا من القراء بعد أن يقرأو أن يقفوا بأنفسهم على الحقيقة ويتحققون من صحة ما قلنا سابقا بأنه لا مجال لربط الإسلام بالإرهاب
الإرهاب
هو استخدام العنف أو التهديد لإثارة الخوف والرعب والفزع، والإرهابيون يقتلون ويخطفون الناس، ويزرعون القنابل، ويخطفون الطائرات، ويشعلون الحرائق، ويرتكبون جرائم خطيرة، لكن أهداف الإرهابيين تختلف عن المجرمين العاديين،فمعظم المجرمين يريدون المال أو تحقيق أية مكاسب شخصية أخرى، لكن معظم الإرهابيين يرتكبون الجرائم لدعم القضايا السياسية.
معظم الجماعات الإرهابية لديها عدد قليل من الأعضاء، فهم يعتقدون أن التهديد أو استخدام العنف لإثارة الخوف هو أفضل وسيلة لكسب الدعاية ودعم قضاياهم، ومعظم ضحايا العمليات والهجمات الإرهابية وعمليات الاختطاف هم الدبلوماسيين ورجال الأعمال والقادة السياسيين والقضاة والشرطة.
إن الإرهابيين ببساطة يختارون أهدافا معينة لشد انتباه الوسائل الإعلامية بشقيها المرئي والمسموع للحصول على التغطية الإعلامية،وغالبا ما يهددون بقتل الرهائن المحتجزين لديهم إذا لم تتم الاستجابة لمطالبهم. وغالبا ما تكون التفجيرات تشكل نصف الأنشطة الإرهابية في العالم ،وتفشل معظم الجماعات الإرهابية في تحقيق أهدافها السياسية بعيدة المدى الخاصة بهم.
والإرهاب قد تعبر الحدود الوطنية. فنزاع او عنف في دولة قد تتسبب في هجمات إرهابية في العديد من الدول . وبعض الحكومات تقدم الدعم لبعض الجماعات الإرهابية سرا عن طريق تقديم الأسلحة والتدريب والمال لتنفيذ هجمات في دول أخرى.
ظهرت كلمة الإرهاب لأول مرة أثناء الثورة الفرنسية (1789-1799)،حيث اعتمد بعض الثوار الذين استولوا على السلطة في فرنسا سياسة العنف ضد أعدائهم.
وكانت مجموعة أمريكية،تسمى بـ كو كلوكس كلان استخدمت العنف لإرهاب السود والمتعاطفين معهم في عام 1865 ، ومن عام 1900. في عام 1930 استخدم الطغاة أدولف هتلر في ألمانيا، وبنيتو موسوليني في إيطاليا وجوزيف ستالين في الاتحاد السوفييتي الإرهاب لثني لقمع المعارضين .
موجة أخرى من الإرهاب ظهرت خلال عام 1960، والمجموعات الإرهابية التي ظهرت في تلك الفترة الألوية الحمراء في إيطاليا والجيش الأحمر في ألمانيا الغربية، وفي عام 1948، وقبل استقلال إسرائيل استخدمت مجموعة يهودية إرهابية العنف لتسريع نهاية الحكم البريطاني في فلسطين وإنشاء وطن قومي لليهود، ومن عام 1960، قامت الفصائل الفلسطينية المختلفة بشن حملات إرهابية تستهدف إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
الجيش الجمهوري الأيرلندي المؤقت، والتي تأسست في عام 1970 استخدمت العنف في معركتها لتخليص ايرلندا الشمالية من الحكم البريطاني،وفي عام 1970 قامت مجموعة تسمى FALN بتنفيذ عدة تفجيرات في الولايات المتحدة الأمريكية * **
موسوعة الكتاب العالمية وخلال سردها وتتبعها لتاريخ الإرهاب ذكرت أسماء بعض الفصائل الفلسطينية على أنها جماعات إرهابية ،وفلسطين هي الدولة الإسلامية الوحيدة التي فيها جماعات إرهابية حسب ما أشارت إليها الموسوعة العالمية ،هنا نريد أن نسلط الضوء على نقطتين :
النقطة الأولى:
الفلسطينيين تم إجبارهم على مغادرة ديارهم وأوطانهم،وقد حدث هذا في فلسطين سنة 1948م حينما نفى اكثر من مليون فلسطيني تقريباً أو بعبارة أخرى أجبروا على الخروج من منازلهم ومدنهم وقراهم ، حيث سلبت أراضيهم وأملاكهم ومقتنياتهم وأصبحوا لاجئين بلا وطن ولا آية وسيلة من وسائل العيش،فلم يقم الفلسطينيون بإرهاب الآخرين لكنهم أنفسهم وقعوا فريسة الإرهاب عندما استولى الإرهابيون على أراضيهم وممتلكاتهم وتم طردهم من منازلهم ومدنهم وقراهم بالقوة ما اضطروا إلى العيش في مخيمات اللاجئين في الدول العربية المجاورة في ظروف بائسة لسنوات طويلة، وخلال الحرب العربية الإسرائيلية التي بدأت في عام 1948وانتهت في عام 1973، لعبت مصر وسوريا والأردن دور الخصم والند الرئيسي لإسرائيل،ومن أجل استعادة الأرض المفقودة والعودة إلى ديار الوطن المهجور اضطر الفلسطينيون فيما بعد إلى الدخول في حرب عصابات ضد الاحتلال الإسرائيلي لعل وعسى يستطيعون استعادة الأرض والعودة إليها ،هذا النهج الذي انتهجه الفلسطينيون يعتبرفي المقام الأول حرب من أجل الحرية ومن منطلق العدالة لا يمكن أن نصف هذا النهج بأنه نهج إرهابي او عمل إرهابي .
النقطة الثانية:
سيكون من الظلم جدا أن نربط ما يقوم به الفلسطينيون من معارك وحرب عصاباتمن أجل استعادة الأرض بالإسلام،فبإستثناء ما تقوم به حركة حماس من أنشطة لا نستطيع أن نربط انشطة الحركات الفلسطينية الأخرى بالإسلام،حركة فتح التي تأسست في الستينات من القرن الماضي كانت الحركة الرئيسية التي شاركت في حرب التحرير تحت منظمة التحرير الفلسطينية التي كانت تؤمن بالقومية العربية ،وكان الهدف الرئيسي للحركة هو قيام دولة فلسطينية حرة للجميع يعيش فيه جميع اتباع الديانات السماوية ،والحركة الأخرى التي كانت في فلسطين هي حركة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والتي أسسها المناضل الفلسطيني المسيحي اليساري جورج حبش ،وكان من أهم قيادات الجبهة السيدة ليلى خالد التي لفتت الأنظار العالمية حولها عندما قامت باختطاف طائرة ركاب أمريكية ،وهذا العمل نستطيع أن نصنفه بأنه عمل إرهابي بكل ما تعنيه الكلمة ،ولهذا فإن الإسلام والحركات والجماعات الإسلامية لا يمكن أن تتهم بهذه التهمة ولا يلام عليها،وفي وقت لاحق، دعت حركة حماس إلى القيام بمقاومة شعبية في فلسطين، وحصلت على الدعم الشعبي وفازت في الانتخابات رغم أن حركة فتح كانت الحركة الرئيسية التي شاركت في حرب العصابات ضد الاحتلال الصهيوني،وهو ما أثار الدهشة والاستغراب .
من ناحية أخرى، قامت حركة حماس بالدعوة إلى مقاومة شعبية داخل فلسطين، وحاولت في الوقت نفسه كسب التأييد والتعاطف الدولي من خلال الجهود الدبلوماسية والسياسية، وعلى الرغم من ذلك، فإن حركة حماس نظر إليها العالم على انها منظمة ارهابية ولم تحصل على الدعم والتأييد من الغرب لماذا ؟ سؤال نتركه لضمير العالم ليجيب عليها .
في شبه قارتنا الهندية، وقف العلماء والمشايخ ورجال الدين ضد الحكم الاستعماري البريطاني لتندلع بذلك شرارة الاستقلال،وقد قام الاستعمار البريطاني بنفي رواد حركة الاستقلال الذين تعرضوا لأبشع أنواع التعذيب والقهر إلى جزر نائية مثل جزيرة "اندامان" ولكن هؤلاء المشايخ ورجال الدين لم يحيدوا عن الطرق الدستورية،فلم يختاروا طريق الإرهاب، وما يعلمه الجميع أنه في مرحلة من مراحل الحركة المعادية لبريطانيا اختار بعض الأشخاص تحت قيادة شورج سين طريق الإرهاب،فنهبوا الأسلحة الحكومية، وكل هذا فعلوه لقيادة حركة الاستقلال. إن التاريخ يشهد على أن العلماء أو الشخصيات الإسلامية لم يكن لديهم اية اتصالات مع هذه المجموعات الإرهابية، ولن يستطيع أحد اكتشاف اية علاقة بين النشطاء السياسيين الإسلاميين وبين السيد شورج سين.
وعلى الرغم من ذلك إلا أن وسائل الإعلام وعبر ممارسة الإرهاب الإعلامي حاول توريط الأحزاب والمؤسسات الإسلامية مع الإرهاب، لكن محاولاتهم ذهبت أدراج الرياح .
الجماعة الإسلامية خصيصا كانت مستهدفة ولا زالت تستهدف من قبل هذه الفئة الإعلامية التي تمارس الإرهاب الإعلامي رغم أنها حركة سياسية وديمقراطية ،ومنذ اليوم الأول من ولادتها تسير الجماعة الإسلامية وفق مبادئ سياسية أساسية لا تحيد عنها مهما عصفت العواصف ،هذه المبادئ الاساسية ليست لها أية علاقة بالإرهاب لا من قريب ولا من بعيد ،وإنني أود أن اقتبس هنا المادة الرابعة من اللائحة الداخلية للجماعة الإسلامية التي حددت طبيعة عمل الجماعة الإسلامية :
1- القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة هما المرجعان الرئيسيان للجماعة الإسلامية في اتخاذ اي قرار في أيّ شأن سواء كان سياسي او غيره
2- عدم انتهاج اي نهج ينافي القيم والعادات ومعاد قد تؤدي لإثارة الفوضى والفتنة والاضطرابات في البلاد من أجل تحقيق أهدافها وغاياتها ومقاصدها
3- لتحقيق أهدافها في إحداث تغيير جذري ونوعي وشامل وكامل في المجتمع لا بد أن تكون وفق الإطار الدستوري
إن جميع هذه المبادئ الأساسية المذكورة أعلاه تعني أنه إذا تريد الجماعة الإسلامية أن تقوم بنشر رسالتها وتؤسس بنيتها وقاعدتها التنظيمية وتغير نمط التفكير لدى الشعب فإن عليها أن تقوم بتأهيلهم من خلال التدريب وحشد الرأي العام لصالحها ،وهذه المبادئ الأساسية ليست حبرا على ورق بل تترجمها الجماعة الإسلامية على أرض الواقع،حيث أن جميع برامجها وانشطتها السياسية تسير وفق هذه المبادئ الأساسية ،وإذا يخالف او يعارض اي منتسب او عضو للجماعة الإسلامية هذه المبادئ الأساسية فإن الجماعة لن تتوان في اتخاذ إجراءات تصحيحية او تأديبية وفق ما تقتضيه اللائحة الداخلية للجماعة بحق العضو او المنتسب المخالف .
وإنني أود أن ألفت انتباه القراء إلى جزء من خطاب ألقاه السيد أبو الأعلى المودودي، مؤسس الجماعة الإسلامية في موسم الحج عام 1382 في مكة المكرمة وجهها إلى قادة العالم الإسلامي بعنوان" طبيعة عمل الحركة الإسلامية في العالم الإسلامي."
كان هذا الخطاب مهم جدا، حيث كان ذا معنى ومغزى، ففي كلمته، قدم الأستاذ ابو الأعلى المودودي موجزا وتحليل موضوعي للوضع السائد في العالم الإسلامي وأوصى بسبع توصيات، كانت جميعها توصيات حكيمة ،ففي التوصية السابعة قال بشكل قاطع إن الأنشطة السرية أواستخدام السلاح لا يجب أن تكون في الحركة الإسلامية،مشددا على أن تكون الحركة الإسلامية خالية وبعيدة كل البعد عن هذه .
وفي التوصية السادسة نصح الأستاذ ابو الأعلى المودودي العلماء إلى التمسك بالصبر بكل ما تعنيه الكلمة، واعتماد الاستراتيجيات المناسبة لضمان مسيرة الحركة الإسلامية ،مؤكدا أن اللجوء إلى الأنشطة السرية أواستخدام الأسلحة في أي مرحلة من مراحل الحركة يعني الانحراف عن مسار الصبر،مبينا أنها تدمر الحركة الإسلامية أكثر مما تفيدها، وأن ثورة حقيقية لا يمكن أن يتحقق بدون دعم شعبي واسع.
ناصحا القادة الحاليين بكل تواضع تجنب هذا الطريق المدمر، طالبا منهم بذل الجهود من أجل الوصول إلى أبواب الناس حاملين معهم رسالة الإسلام، في محاولة لتغيير رأيهم وعقليتهم، والسعي جاهدا لكسب قلوبهم وذلك بهدف تجهيزهم على مستوى عال جدا من الطابع الأخلاقي ونصحهم أيضا بالصمود في وجه العراقيل والمصاعب.