14 December 2025, Sun

عقدت ندوة نقاشية بمناسبة يوم شهداء المثقفين

يجب تشكيل لجنة تحقيق مستقلة لكشف حقيقة جريمة اغتيال المثقفين

صرح الأمين العام للجماعة الإسلامية في بنغلاديش والنائب البرلماني السابق، الأستاذ ميا غلام بروار، بأن جريمة اغتيال نخبة المفكرين وأفذاذ العقول في بنغلاديش لم تكن حدثا عابرا في سياق الحرب، بل جاءت ثمرة مؤامرة مدبرة، نسجت خيوطها في دهاليز دلهي، واستهدفت اقتلاع العقول النيرة للأمة وتجريدها من صفوتها، بغية تحويل الوطن الفتي إلى جسد بلا روح، وأمة بلا ذاكرة ولا بوصلة

جاء ذلك في كلمته التي ألقاها بصفته الضيف الرئيسي في الندوة الفكرية التي نظمتها الجماعة الإسلامية في دكا الشمالية الكبرى، عصر يوم الأحد 14 ديسمبر، بقاعة معهد المهندسين الزراعيين بمنطقة فارمغيت في العاصمة دكا، إحياء ليوم شهداء المثقفين

وقال إن مرور أربعة وخمسين عاما على الاستقلال لم ينجح في كشف النقاب عن الحقيقة الغائبة، إذ ظلت جريمة اغتيال المثقفين حبيسة الغموض، ولم تقدم أي حكومة متعاقبة على اتخاذ خطوات جادة وفعالة لمحاسبة الجناة، بل جرى بدافع الخصومة السياسية إلصاق التهمة بالجماعة الإسلامية، واستغلال المأساة وسيلة لتصفية الحسابات وتحقيق المكاسب الحزبية

وأوضح أن شواهد كثيرة، مستمدة من كتابات شخصيات هندية بارزة ومثقفين معروفين، تؤكد تورط الهند ووكلائها المحليين في تلك الجريمة النكراء. وأشار إلى أن استسلام القوات الباكستانية كان مقررا في الرابع عشر من ديسمبر، غير أن المخطط الهندي اقتضى تأجيله يومين، وفي تلك الساعات الدامية أريق دم خيرة أبناء الوطن: أساتذة جامعات، وشعراء، وأدباء، ومهندسين، وقانونيين، وسائر رموز الفكر والمعرفة. أولئك الذين كانوا مع الاستقلال قلبا وقالبا، غير أنهم وقفوا على الضفة المقابلة لأيديولوجية الهند وأدواتها المحلية، فكان اغتيالهم جسرا معبدا لتمرير مشروع لا يحتمل وجود العقول الحرة

وأعرب عن بالغ أسفه لأن أيا من الحكومات التي تعاقبت بعد الاستقلال لم تعلن تقريرا رسميا للتحقيق في جريمة اغتيال المثقفين، بل إن حزب رابطة عوامي على حد تعبيره طوى ملف التحقيق وأبقاه رهين الأدراج المغلقة. كما لفت إلى أن قضية اختفاء السينمائي والمثقف البارز زهير ريحان، شقيق الكاتب الشهيد شمس الله قيصر، ما تزال لغزا معلقا في ذاكرة الوطن، لم تجد طريقها إلى الحقيقة. ودعا في هذا السياق إلى تشكيل لجنة تحقيق مستقلة، نزيهة وشجاعة، تعيد للتاريخ صوته، وللضحايا حقهم في العدالة

وتطرق إلى الهجوم الوحشي الذي استهدف عثمان هادي، أحد أبرز قادة ثورة يوليو، معتبرا إياه محاولة يائسة لإجهاض تلك الثورة وكسر إرادتها، ومشيرا إلى أن الحكومة أخفقت في توفير الحماية له رغم تلقيه تهديدات متكررة بالاغتيال. وانتقد ما وصفه بالاكتفاء بالشعارات حول استيراد أحدث التقنيات لحماية المواطنين، مؤكدا أن تلك الأدوات لم تستخدم يوما لصالح الشعب، بل تحولت في عهد الفاشية العوامية إلى وسائل للقمع والبطش وسفك الدماء

وفي معرض حديثه عن العلاقات الثنائية مع الهند، شدد على أن علاقة بنغلاديش بجارتها الكبرى يجب أن تقوم على أساس الندية والعدالة، لا على منطق السيد والتابع، مؤكدا رفضه لأي تدخل غير مرغوب فيه في الشأن السياسي الداخلي للبلاد. وطالب الحكومة بتأمين العلاج المتقدم لعثمان هادي، وتعزيز الحماية لمقاتلي ثورة يوليو والقادة الوطنيين، محذرا من أن تجاهل هذه المطالب سيضع الاستحقاق الانتخابي المقبل أمام مخاطر جسيمة

وفي ختام الندوة، قال رئيس الجلسة محمد سليم الدين إن القوى التي لم ترض يوما بأن ترى هذه الأمة شامخة الرأس، هي ذاتها التي دبرت تلك الجريمة البشعة، مضيفا بأسى عميق أن أكثر من خمسة عقود مرت على النصر، ولا يزال الجناة بعيدين عن المساءلة، فيما بقي لغز اغتيال واختفاء زهير ريحان شاهدا صامتا على جرح لم يندمل في ضمير الوطن