قال نائب الأمير للجماعة الإسلامية في بنغلاديش وعضو البرلمان السابق الدكتور سيد عبد الله محمد طاهر
إن الأمة قد لفظت ماضيها البالي وأطاحت بالقديم، استجابة لروح حركة يوليو وتطلعاتها، وهي اليوم تسعى لبناء وطن جديد يليق بآمالها وآلامها. ومن سنن البناء أن تتوالد قضايا جديدة على الساحة، أما الذين يضيقون صدرا بهذه القضايا، فإنهم في حقيقتهم لا يريدون بنغلاديش جديدة، بل يتطلعون إلى إعادة الجاهلية الحزبية بوجه آخر وتسمية جديدة
وأضاف: إن الإصلاح في بنية الدولة لا يكون بالتصريحات الجوفاء ولا بالإقرارات اللفظية، وإنما يتحقق حين تطرح الرؤى وتبنى عليها القوانين، ثم يعطى لها سلطان التنفيذ على أرض الواقع. لذلك ظلت الجماعة الإسلامية تطالب بإعطاء "ميثاق يوليو" شرعية قانونية، ليغدو قاعدة للإصلاح والعدالة، لأن هذا المطلب ليس مطلب الجماعة وحدها، بل هو صرخة الشعب بأسره. حتى إن معظم القوى السياسية، كبيرها وصغيرها، قد انضمت إلى هذا النداء، مطالبة بإضفاء الشرعية القانونية على ميثاق يوليو وإنزاله إلى ساحة التطبيق
وقد جاءت كلمته هذه مساء الخميس (٢٨ أغسطس) في قاعة "عبد السلام" بالمركز الصحفي الوطني، خلال الندوة التي نظمتها الجماعة الإسلامية في مدينة دكا الجنوبية – بعنوان: "إعلان يوليو، السند القانوني لميثاق يوليو وتطبيقه، والمطالبة بإجراء الانتخابات الوطنية القادمة وفق نظام التمثيل النسبي
وقال الدكتور طاهر في كلمته: لقد كان إعلان كبير المستشارين يقوم على ثلاثة ركائز: الإصلاح، والعدالة، والانتخابات. غير أن ما أري للشعب حتى الآن هو خارطة طريق للانتخابات، دون أثر ملموس لإصلاح أو عدالة. وهذه الخارطة يمكن أن تكون سبيلا للانتخابات، لكن شرطها الأول أن يعطى ميثاق يوليو شرعيته القانونية، وأن يفعل على أرض الواقع، وأن تبدأ محاكمات مرئية لجرائم الإبادة. ثم تأتي الانتخابات بنظام التمثيل النسبي ليبنى على أساسها برلمان الأمة وحكومتها الشرعية
وأكد أن سبعة وسبعين في المئة من أبناء الشعب يريدون التصويت وفق هذا النظام، وأن جميع القوى السياسية – عدا حزب واحد – قد طالبت به. فكيف يجوز لحكومة انتقالية أن تتجاهل إرادة أغلبية الأمة، إرضاء لفئة محدودة؟! وإن عجزت هذه الحكومة عن تحقيق ذلك عبر التوافق السياسي، فلن يكون أمامها إلا أن ترد الأمر إلى الشعب عبر استفتاء عام
وتابع قائلا: من يتذرع بعدم فهمه لنظام التمثيل النسبي فهو لا يفقه شيئا في أصول الحكم الرشيد. والحق أنهم يفهمونه جيدا، لكنهم يرفضونه لأن هذا النظام يغلق عليهم أبواب التزوير والتلاعب، ويحول بينهم وبين السيطرة على مراكز الاقتراع بالقوة. لقد مرت أربعة وخمسون عاما على الاستقلال دون أن يشهد الشعب انتخابا حرا نزيها واحدا. أما نظام التمثيل النسبي فهو الكفيل بأن يضع حدا لهذا العبث، ويضمن انتخابات حرة وشفافة لا مكان فيها للعنف ولا للتزوير
وأضاف مؤكدا: إن بناء بنغلاديش الجديدة التي ينشدها الشعب لا سبيل إليها إلا بإضفاء الشرعية القانونية على ميثاق يوليو، وإجراء الانتخابات القادمة وفق نظام التمثيل النسبي. فإن حاولوا أن يلتفوا على هذا المطلب، فإن الشعب سينزل إلى الميادين ليقتلع حقه بيديه، وهو يعلم جيدا كيف ينتزع الحق من أنياب الباطل
وخاطب العاملين الحكوميين بقوله، إن بعضكم يظن أن حزبا معينا سيجلس لا محالة على كراسي الحكم في الانتخابات القادمة، ولذا بدأ بعضكم يميل هنا وهناك. لكن اعلموا أن الشعب لم ينم، إنه يراقب كل القوى بعين يقظة. ومن يتوهم أنه يستطيع أن يصعد إلى الحكم عبر القتل بالحجارة، أو عبر النهب والإرهاب، فلن يجني إلا خسارة الأصوات. فكلما كثر القمع، قلت نسبة التصويت له
وختم الدكتور طاهر قائلا: نعم، ستكون هناك انتخابات، لكن بعد أن يعطى ميثاق يوليو شرعيته القانونية، ويظهر الإصلاح جليا، وتقام العدالة، ويقتص لدماء الشهداء. دون ذلك، فلن يقبل الشعب بانتخابات تفصل على المقاس، ولن يسمح أن تصل أوراق الاقتراع إلى صناديقها قبل أن يقام العدل ويرسخ الإصلاح.