في تمام الساعة الحادية عشرة والنصف من صباح يوم ٢٧ مايو، عقد مؤتمر صحفي طارئ بدعوة من أمير الجماعة الإسلامية في قاعة المحاربين القدامى بـمعهد المهندسين في كاكريل، بالعاصمة دكا، وذلك بمناسبة تبرئة الزعيم الشعبي المظلوم، والقائم بأعمال الأمين العام السابق للجماعة الإسلامية في بنغلاديش، السيد أبو تراب محمد أظهر الإسلام، من جميع التهم التي وجهت إليه، بحكم صادر عن المحكمة العليا – دائرة الاستئناف – بفضل الله رب العالمين وعظيم رحمته
وقد ألقى أمير الجماعة الدكتور شفيق الرحمن، كلمة هامة خلال المؤتمر، بدأها بحمد الله وشكره قائلا، لقد انتظرنا طويلا صدور مثل هذا الحكم العادل، واليوم من الله تعالى علينا به، فكان سببا لزيادة شكرنا وامتناننا له. نحمده من أعماق قلوبنا، الحمد لله رب العالمين
وأضاف قائلا، لقد تعرضت الجماعة الإسلامية في بنغلاديش خلال فترة حكم الشيخة حسينة الاستبدادية لأبشع أنواع الظلم والعدوان، فقد تم تصفية أحد عشر من كبار قادة الجماعة واحدا تلو الآخر، من خلال قضايا ملفقة وشهادات زور، فيما يشبه القتل القضائي المنهجي. وأنا اليوم أجلس في هذا المكان الذي أعتدتم أن تروا فيه وجوه أولئك القادة الأفاضل وتستمعوا إلى كلماتهم، إلا أن معظمهم قد غادروا هذه الدنيا قسرا، ولم يبق منهم سوى واحد فقط
وختم كلمته بالقول، إنني أتوجه إلى الرب العظيم، متضرعا، أن يرفع درجات أولئك القادة الكرام وكل من رافقهم من الشهداء المظلومين، وأن يكتب لهم أعلى مراتب الشهادة
قال: إلى جانب ذلك، وخلال عهد الحكم الاستبدادي، قتل بوحشية العديد من أفراد الأحزاب السياسية، والمنظمات الدينية والاجتماعية، وأفراد حرس الحدود، والجماهير الشعبية المحتجة، لا سيما أولئك الذين استشهدوا في ثورة الرابع والعشرين. نسأل الله تعالى أن يتقبلهم في عداد الشهداء
ونعرب عن بالغ احترامنا ومحبتنا لجميع أسر الشهداء، وندعو الله العلي القدير أن يعوضهم خير الجزاء في الدنيا والآخرة، وأن يلحقهم بالشهداء في أعلى الجنان
أما نحن، الذين تحملنا مسؤوليتهم رغم ما بنا من تقصير، فإننا نبذل قصارى جهودنا للسير على دربهم. ونسأل الله تعالى أن يتقبلنا بفضله لخدمة هذا الدين وهذه الأمة بيده القدرية
قال، إن المحكمة العليا في بنغلاديش، بهيئتها الكاملة، أصدرت اليوم حكمها بعد الاستماع إلى طلب المراجعة الذي تقدمنا به، وقد قضى هذا الحكم ببراءة قائدنا المظلوم والموقر، وأخينا الحبيب، السيد أبو تراب محمد أزهر الإسلام، من جميع التهم التي وجهت إليه
وأضاف: لو كان هؤلاء القادة الذين يعتبرون تاجا على رؤوسنا في هذه اللحظة العصيبة من تاريخ الأمة أحياء بيننا اليوم، لكانوا قادرين على توجيه هذا الشعب بحكمتهم، وبعد نظرهم، وخبرتهم الطويلة. لكن محكمة الكنغر أعدمتهم واحدا تلو الآخر. لا أحد في هذا العالم يستطيع إعادتهم إلينا، لكن ذكراهم وأعمالهم وتضحياتهم في سبيل دين الله ستبقى خالدة، وستتردد أصداؤها في ذاكرة الأمة على مر الزمان
وتابع قائلا، لقد جرى استخدام التزوير والخداع على نطاق واسع أثناء إدارة هذه القضايا. وقد أقر القاضي السابق إس. كيه. سنها في مذكراته كيف تم اللجوء إلى الأكاذيب. لقد وضعت خطة مدروسة بدم بارد لاغتيال هؤلاء القادة، شارك فيها كل من السلطة القضائية والحكومة آنذاك. وقد رأيتم بأن الأحكام كانت تصدر تباعا ويتم تنفيذها. من نفذ فيه حكم الإعدام عبر القضاء البشري، مضى إلى لقاء ربه، ولكن أسرته تعرضت في الوقت نفسه لظلم وتعذيب بالغ. ففي الليلة التي أُعدم فيها أخونا الكريم عبد القادر الملا، هوجم منزله، وتعرض أفراد أسرته للإيذاء الجسدي والاضطهاد، بل واعتقلوا. فتمزقت عائلات بكاملها
وقال أيضا: إن فضيحة السكايب أصبحت موضع إدانة واستنكار عالمي. وخلال فترة المحاكمات، أُنشئت زنزانتان للتعذيب، الأولى سميت بـالبيت الآمن، والثانية بـالمنزل الآمن. في البيت الآمن، كان يتم إذلال القادة الضحايا، ووفق توجيهات المحكمة العليا، ظلوا يحتجزون فيه لساعات وأيام طويلة يتعرضون خلالها لأبشع صنوف التعذيب. لقد تحملنا ذلك بصمت، وحاولنا أن نرفع صوتنا، وبكينا ولجأنا إلى الله بالدعاء
وكان ينقل هؤلاء المعتقلون بعد تعذيبهم في البيت الآمن إلى المنزل الآمن في منطقة جاتراباري، وقد كشفت وسائل الإعلام هذه الحقائق. كما أدانت منظمات حقوق الإنسان الدولية هذه المحاكمات، ووجهت انتقاداتها ونصائحها، لكن السلطات لم تلق لها بالا، لأنها كانت تعلم أنه إذا أُجريت محاكمة نزيهة، فلن يكون من الممكن تنفيذ عمليات القتل. لقد رفضوا الاستماع إلى صوت العدالة
ثم قال، نحن نحب هذا الوطن، وقادتنا أيضا أحبوه. ومن منطلق حبهم له، حاولوا بصدق تقديم الخير لشعبه. لقد بذلوا أقصى ما لديهم من قدرات وكفاءات، وسعوا إلى ترسيخ سياسة رشيدة ونظيفة في بنغلاديش. ولم يقتصر دورهم على الشارع السياسي، بل حتى أثناء وجودهم في الحكومة، عملوا على تحسين الإدارة العامة وتطويرها
وأنتم شهود على أن وزيرين فقط كانا يديران ثلاث وزارات بكل كفاءة. لقد أيدهم الله تعالى بعونه وتوفيقه، وأدوا مسؤولياتهم بأمانة وإخلاص طوال فترة توليهم المهام. لقد تركوا للأمة البنغلاديشية نموذجا نادرا من النزاهة والجدارة. وسجلوا مثالا فريدا في الصدق والوفاء. ونحن نأمل أن تلهم هذه التضحيات والمآثر الأمة جيلا بعد جيل، وقرنا بعد قرن، بإذن الله