الشهيد عبد القادر ملا الهام وتاريخ

تستغرق مدة مديدة ليصير الإنسان إنسانا حقيقيا ، و قلما يوجد الإنسان الفاضل في تاريخ الحضارة البشرية .
هؤلاء الرجال الخيار يستولون على قلوب بلايون من الناس بأعمالهم المتعددة من المهد إلى اللحد ، و يصبحون جزءا مهما من الحضارة الإنسانية .

كان الشهيد عبد القدير ملا في الدرجة السامية في الفضل و الأخلاق الحميدة و الصفات الرفيعة العديدة و المزايا الإنسانية المتعددة .

سيسطر اسم الشهيد عبد القدير ملا ذي الموهبة الرائعة كرجل عبقري بالحروف الذهبية في صفحة فاخرة من التاريخ المجيد على مر العصور .

و ولد هذالمسلم العظيم في بيت جده من الأم بقرية جاريبر دانغي تابعة لبلدية سربسوبور من مديرية صدر بور من محافظة فريدبور في ٢ ديسمبر من عام ١٩٤٨ م .

اسم جده أبو ملا ، و اسم أبيه ثناء الله ملا ، و اسم أمه باهرة النساء باغوم .
و كان رابع أشقائه و شقيقاته .
بعد أيام قليلة من ولادته انتقل والداه إلى قرية أميرباد ، بنيا فيها الدار و جعلا أن يعيشا فيها باستمرار و استقرار .
و من كان يدري أن عبد القدير ملا سينشئ بابا جديدا مع مرور الوقت في تاريخ الحركة الإسلامية في هذه البلاد ، و من كان يعلم أنه سيغدو نجما ثاقبا في هذه المعمورة الداجية .
و هل كان أحد يعلم أنه سيقتل شر قتلة سياسية في يد حكومة وطنه ، و سيكون بركانا مشتعلا في التاريخ .
لم يكن أحد يعلم أن الحمم البركانية المنفجرة من أيديولوجيته ستهد قصر الكبرياء الفحم لأولي الأمر و السلطة الخراصين .
مولده و نشأته :
لقد أصبح عبد القدير ملا من صباه معروفا لدى أهل القرية و المدرسة كتلميذ ألمعي .
عام ١٩٥٩ م حصل على منحة التعليم الابتدائي ، و عام ١٩٦١م حصل على منحة التعليم الإعدادي ، و عام ١٩٦٤ م نجح في الاختبار الإعدادي من معهد فضل الحق بأميرباد بدرجة جيد جدا ، و عام ١٩٦٦ م نجح في الاختبار الثانوي من جامعة الرازندرا الحكومية بتفوق ، و عام ١٩٦٨ م تخرج في كلية الرياضية من نفس الجامعة .
في هذا الوقت أعجبت زملائه طيبة خلقه و حسن سلوكه و كان آنذاك في عنفوان شبابه ،
و كانوا ينادون عبد القدير ملا باسم الشرف و السيادة و كانوا أقرانه .
بساطة عيشه من سيماء معاملته في الطفولة .
الأزمة المالية الشديدة و بدأة مهنته :
لقد تقدم الشهيد عبد القدير ملا في كفاح حياته بتجاوز الأزمة المالية من ريعان عمره .
تصدى للضائقة المالية الشديدة بعد انتهاء المرحلة الأولى في الدراسة ، ولكنه أراد أن يسير إلى الأمام بالإيمان الراسخ ، فبدأ باكورة مهنته بالتدريس في مدرسة بايش راسي شب شوندري أكاديمي بصدر بور ، و طبقت شهرته الآفاق كعالم مثالي و معلم يمتاز بالصفات الخلقية .
جامعة دكا و فريدبور و ١٩٧١ م :
خرج عبد القدير ملا ذو ذكاء و فطنة و نباهة من نطاق فريدبور ، و رحل إلى داكا للدراسة العليا ، و التحق بجامعة داكا في الماجستير من قسم الفيزياء عام ١٩٦٩م .
ما زالت فكرة الثورة الشعبية تتدفق آنذاك في نفوس الشعب .
في البداية كان عبد القدير ملا يسكن في سكن داكا ، ثم انتقل إلى سكن الدكتور شهيد الله، و كان أعجب الطلاب و الأساتذة و العاملين بطيبة خلقه و حسن سلوكه، فصار محبوبا عند كل من الجامعة يودونه و يحبونه .
عام ١٩٧١ م لقد ثار سائر البنغال ، و لم يكن عبد القدير ملا قاعدا ، و في ٧ مارس ألقى الشيخ مجيب الرحمن خطابا أمام جمهور غفير ، ثم غالبا ما يجلس مع زملائه في سكن الدكتور شهيد الله ، و كانو يحاولون أن يفتحوا للأمة البنغالية طريق النجاة في هذه الحالة ، و قد أدرك عبد القدير ملا أن هذا الطريق محفوف بالأشواك و الأسلاك ، و لا بد من إراقة الدماء و تضحية النفوس للخلاص و الحرية .
رجع عبد القدير ملا إلى دار قريته أمرا من الأستاذ إناس علي قبل أيام قليلة من الإبادة الجماعية في ٢٥ مارس من الليلة الحالكة ، و بدأت حرب التحرير ، و لم يمكنه أن يشارك في اختبار الجامعة بسبب الحرب .
و كان عبد القدير ملا اتخذ قرار الرجوع إلى منزل مسقط رأسه قبل ٧ مارس ، و أراد أن ينظم شباب الحارة و أصدقائه ، و يقاتل للوطن و أهله .
عاد إلى منزله بفريدبور ، و كان يخرج كل ليلة لأجل أن يتواصل مع زملائه ، و قد تألف شبان المحلة من قبل .
فانضوى الشهيد عبد القدير ملا تحت لواء جبهة التحرير .
شرع قائد جيش التحرير يدرب هؤلاء الطلاب الجامعين على القتال .
في مطلع شهر مايو اندس الجيش الباكستاني في محافظة فريدبور ، فإذا توغل الجيش الباكستاني في فريدبور لم يتمكن الشهيد عبد القدير ملا و رفقاؤه من التدرب على القتال ، ولكنه كان يتصل بجيش التحرير خفيا ، و عام ١٩٧٢ م توقفت دراسة عبد القدير ملا مثل الآخرين في هذه البلاد المدمرة و المحطمة بالحرب .
عام ١٩٧٤ م التحق عبد القدير بمعهد التعليم و البحث من جامعة داكا تارة آخرى ، و عام ١٩٧٥ م نجح في دبلوم إدارة التعليم بدرجة جيد جدا و حصل على المركز الأول في القسم و كذلك أحرز المركز الأول في القسم في ماجستير إدارة التعليم بدرجة جيد جدا .
تكرار المهنة :
عام ١٨٧٥ م بدأ عبد القدير ملا مهنته كمدرس في مدرسة أديون التي تقع في قلب مدينة داكا ، ثم اشتغل بالتدريس في مدرسة و كلية الريفلس الشعبية كمدرس كبير ، و قد قام بمسؤولية رئاسة المدرسة و الكلية موقتا أياما ، ثم تقلد منصب عالم باحث في المؤسسة الإسلامية البنغلاديشية .
الشهيد عبد القدير ملا في الصحافة :
حديث ثمانينات القرن الماضي ، و كانت آنذاك مقاليد حكم البلاد في يد الحاكم العسكري الدكتاتور ، و قد كادت الحكومة العسكرية تكتم أصوات الشعب .
لا يزال النسر البلدي يحلق في سماء الشعب بجرأة نادرة ، و كأن الأمة الهائمة غرقت الأزمة الشديدة مرة آخرى ، و قد خطا الرجال الأجرياء من طراز عبد القدير ملا خطوات متقدمة إلى الأمام .
و أراد أن ينشر نور الحق ما حازه في مهنة التعليم بين عوام الناس ، فمال إلى الصحافة ، و سيسجل اسمه بالحروف الذهبية في صفحات تاريخ الصحافة كصحفي رابط الجأش في كشف الحق .
عام ١٩٨١ م تعين الشهيد عبد القدير ملا في منصب نائب رئيس التحرير لجريدة السنغرم اليومية .
في غضون مدة قصيرة كلف بمسؤولية مساعد رئيس التحرير و محرر تنفيذي تدريجيا ببراعته و حسن إدارته .
و كانت السنغرم اليومية من الجرائد المذكورة التي لعبت دورا الحارس المنتبه ضد الحكم الدكتاتوري آنذاك .
كان الشهيد عبد القدير ملا يدبج المقالات باسم مستعار بخن و ساهج باسن ، و شدت مقالاته انتباه القراء المتنبهين و أحرزت الشعبية .
بدأت كتابته الصارمة العصارية الواقعية تنشر في الصحائف اليومية الوطنية، و قد كتب و سطر في صحيفة الاتفاق اليومية ، السنغرم اليومية ، و الشونر بنغلا ، و البلابدل ، و البريتيبي الشهرية ، و القلم و الجرائد اليومية و الأسبوعية و نصف الشهرية ،و المجلات الشهرية الآخرى
و طور عبد القدير ملا جريدة السنغرم اليومية رائعة و رائقة ، و جعلها مفضلا لدى القراء .
ظل على نجاحه و فوزه ، و حاز عضوية نادي الصحافة الوطني الدائمة ، و انتخب مرتين نائب رئيس نقابة الصحفيين بداكا المتحدة عام ١٩٨٢م و ١٩٨٤ م .
لقد برز الأستاذ عبد القدير ملا زعيما صحفيا لا يدخل في التسوية .
كانت الابتسامة مشرقة دائما على محياه ، و كان جاذبية رئيسية في مجالس الصحفيين ، و هو يتبنى فكرة الانقلاب و حرقته في طويته .
النادي الوطني مكان عواطف الشعب و موضع أحاسيسهم ، وكان حديث عبد القدير ملا مفعما بالحلاوة و الدعابة يسر الخاطر ويشرح الصدر ، حيث امتلئ النادي الوطني سروراً و حبورا، وعمت الفرحة الحضور، فرسمت البسمة على الوجوه.
لقد تخلى عن الصحافة حينا لأنه انتظم في النشاط السياسي، ولكن تطورت حياته بهذه الحرفة و تزخرت ، فكان يدرك عظمته و تجلته ، و لذا كان من أعضاء النادي الوطني للصحافة و صديقا مخلصا لنقابة الصحفيين .
لا يفتئ كل ذرة من غبار مكتب السنغرام اليومية يذكر عبد القدير ملا تذكارا حتى الآن .
و لا تخلو حياة صحفي أيديولوجي عن المصاعب و عراقيل لأنه يقع في غيظ الكتلة المضللة من المجتمع حينا ، و ينزل عليه غضب المنتفعين حينا آخر ، و قد يواجه عقبات السلطة السياسية القائمة و عوائقها .
و تتفانى حياة رجال الصحافة في تصارع الحق و الباطل ، و يعاديهم أصفياؤهم المتعارفون و يعتدون عليهم ظلما و عدوانا بصورة بشعة متنوعة ، و تظهر على ملامحهم آثار التألم فتتصدع أفئدتهم وجعا و ألما ، و منهم من يصيبهم العرجان و العطب بضربة جسمانية و كثيرا ما ينتابهم الحمام و الردى بضربة قاضية ، و تنزل بهم نائبة السجن في زنزانة انفرادية أو تنوبهم مصائب النيطل و الحتف بمحكمة هزلية ، و كانت هذه كلها مستلزمات الصحافة النزيهة و الحقيقية عبر العصور ، و كذلك مرت هذه كلها في حياة الشهيد عبد القدير .
حياته السياسية :
كان الشهيد عبد القدير ملا رجلا وعيا بالبلاد و السياسة ، فيتفكر في مصالح البلاد و منافع شعبها .
انجذب الشهيد عبد القدير ملا إلى السياسة الاشتراكية الفاتنة في سن المراهقة آنذاك كشخص وعي ، و انتظم في الاتحاد الطلابي الاشتراكي عام ١٩٦٦م .
و في عام ١٩٦٨م فتنته الكلمات القلبية من تفهيم القرآن الكريم للعلامة المودودي ، و هجر الاتحاد الطلابي ، و التحق بجمعية الطلبة الإسلامية .
فيما بعد انتخب رئيس جمعية الطلة الإسلامية لفرع سكن شهيد الله في جامعة داكا ، و ثم في جامعة داكا ، ثم أصبح الأمين العام لفرع مدينة داكا .
ثم قام بالمسؤوليات كعضو في المجلس التنفيذي المركزي .
و في عام أصبح عضوا في الجماعة الإسلامية ، و كان ذلك مصدر القلق و الإزعاج للقوة المعادية للإسلام .
كان هو السكرتير الشخصي للمناضل اللغوي الأستاذ غلام أعظم ، و عضو مجلس الشورى و المجلس التنفيذي لفرع مدينة داكا .
و في فترة قصيرة انتخب عضو مجلس الشورى المركزي للجماعة الإسلامية ، و اختير هو الأمين العام لفرع مدينة داكا في عام ١٩٨٣م ، و اختير نائب الأمير لمدينة داكا في عام ١٩٨٦م ، و الأمير المؤقت في عام ١٩٨٧م ، و أصبح أمير الجماعة لفرع مدينة داكا في عام ١٩٨٨م ، و عضو المجلس التنفيذي المركزي للجماعة الإسلامية .
بدأ بعهد جديد كأمير مدينة داكا ، و كان منفتح الطبع ، فيمكن لأي ناشط عادي أن يتواصل معه و يطرح السؤال إليه، و كان يفهم الإنسان بحجج شتى ، و إذا دعي ذهب أينما كان ، و لم يبتعد عن الشعب بدوافع أمنية ، و كان لا يحب الصرامة الإضافية باسم الانضباط .
و كان يتحرك في الدوائر السياسية من كل أقسامها بما كان زعيما صحفيا ، أعطاه حزب الجماعة الإسلامية مسؤولية التواصل مع الأحزاب المختلفة لأنه كان يختلط بالناس بصداقة تحكمها المودة العميقة المتبادلة ، قد بدت بوادر مهارة الاتصال بالأحزاب العديدة أولا أثناء الحركة ضد إرشاد ، و إن كان هذا آنذاك سريا غير رسمي .
و كان من أعضاء لجنة الاتصال المركزية كأمير مدينة داكا للجماعة الإسلامية في حركة إقامة الحكومة المؤقتة و في الحركة المعارضة ضد الدكتاتورية عام ١٩٩٠م .
و فيما بعد أنشأ الجماعة الإسلامية لجنة الاتصال مع حزب رابطة العوام معا رسميا عام ١٩٩٥م ، و اتصل بأحزاب مختلفة .
في ذلك الوقت كان يعقد المقابلة و الاجتماع مع كبار زعماء رابطة العوام يوما بعد يوم ، و يخطط برامج الحركة ، و يدبر إبلاغها إلى الصحفيين .
و في ذلك الوقت كان زعيم من رابطة العوام محمد نسيم يعلن البرامج المتخذة لدى اللجنة ، و كان الشهيد عبد القدير ملا يدبر نشرها في الجرائد الشتى ، و اعتقل هو و زعيم رابطة العوام طفيل أحمد في نفس اليوم في ٢٧ أغسطس من عام ١٩٩٦م في حركة إقامة الحكومة المؤقتة .
قبل الاعتقال اختفى هو و طفيل و تواريا معا ، و كان هو و زعماء رابطة العوام يأكلون الطعام المنزلي بالاشتراك .
على عهد رابطة العوام من عام ١٩٩٩ م بدأ اتصال الجماعة و الحزب الوطني ، و كان رجلا من أعضاء لجنة الاتصال المؤلفة من أربعة أحزاب .
قد قام بالمسؤوليات العديدة في لجنة الاتصال في أوقات شتى ، فالتقى برئيسة الحزب الوطني باغاوم خالدة ضياء ، و رئيسة رابطة العوام شيخ حسينة و زعمائهما و المجلس الأعلى للحركة .
و تكونت محبة و مودة بينه و بين السياسيين بما أنه كان يتصل بالأحزاب المتعددة في أوقات شتى ، و كان رجلا فرحا و مرحا ، و يدعوه السياسيون لحفلة أسرتهم .
الزعيم الكبير للجماعة الإسلامية :
انتخب أمين الدعاية المركزي للجماعة الإسلامية عام ١٩٩١ م ، و ساهم في تحسين قسم الدعاية للجماعة الإسلامية بشكل كبير بعد أن أصبح أمين الدعاية المركزي للجماعة الإسلامية .
و على عهده تم تخصيص المكان المنفصل لقسم الدعاية ، و تمت زيادة القوى العاملة ، و تم شراء الحاسوب و أجهزة التصوير و الطابعات و أشياء أخرى لأجل تحديث قسم الدعاية ، و تم اتخاذ الترتيبات اللازمة من أجل نشر النشرة الإنجليزية باللغة العربية .
تم تعزيز الاتصال بوسائل الإعلام المطبوعة و الإلكترونية ، و تم تنظيمها .
و في عام ٢٠٠٠ م تم ترشيحه لمنصب الأمين العام المساعد للجماعة ، و قام بمسؤولية الأمين العام بالنيابة لفترة قصيرة في مارس من عام ٢٠٠٤م .
كان الشهيد عبد القدير ملا صريحا دائما بشأن ظلم و اضطهاد المسلمين في أنحاء العالم خارج البلاد .
كلما تعرض المسلمون في كشمير و فلسطين و البوسنة و الشيشان و لبنان و العراق و أمكنة شتى للاضطهاد و الإيذاء تحدث الشهيد عبد القدير ملا ضد ذلك ، و نظم مسيرة احتجاجية ، و ألقى بالخطاب ، و أصدر البيان ، و قدم المذكرة ، و قدم المساعدة المالية للمسلمين الملهوفين .
و قدم المذكرة إلى السفارات ، و شرح موقف الجماعة .
السجن :
في عام ١٩٦٤م اعتقل تهمة الاشتراك في الحركة ضد أيوب خان و الانضمام إلى اليساريين .
و في عام ١٩٧١م حجز في مركز الشرطة بسبب سوء الفهم من قبل السكان المحليين ، و أنقذه السكان المحليون و قائد مقاتلي التحرير لطف الكريم على الفور .
و في ٢٢ أبريل من عام ١٩٨٥م اعتقل هو و زعماء الجماعة من أمام نادي الصحافة الوطني بما أنهم لعبوا دورا فاعلا في الحركة ضد الرئيس الدكتاتوري إرشاد .
و أعلنت المحكمة العليا اعتقالهم غير شرعي ، ثم تم الإفراج عنهم في ١٤ أغسطس .
و اعتقل هو و زعيم رابطة العوام طفيل أحمد في ٢٧ فبرائر من عام ١٩٩٦ م في نفس اليوم في حركة إقامة الحكومة المؤقتة ، و خلي سبيله بعد أسوع .
كانت الرابطة الوثيقة بين الشهيد عبد القدير ملا و الدبلوماسيين .
كان صاحب الفرح و المرح و ضاحك الثغر و باسم المحيا ، فلم يكن البرنامج حيويا دون كلماته .
لقد قام بمسؤولياته بنجاح باهر في البرامج الدبلوماسية كمندوب الجماعة الإسلامية ، لقد شارك في كل نوع من البرامج الدبلوماسية للجماعة الإسلامية قبيل اعتقاله في عام ٢٠١٠ م .
كانت كلماته الغنية بالعلوم و المعارف و بعد النظر تسحر الدبلوماسيين ، و كان يجذب الدبلوماسيين سريعا بما أنه يتمكن من التحدث باللغة الإنجليزية بطلاقة ، و كان خبيرا كبيرا بالسياسة المعاصرة و الدولية ، فكان يتحدث إلى الدبلوماسيين بسهولة .
و كان يبدو ميله إلى الاختلاط بالدبلوماسيين ، فيدعوه الدبلوماسيون إلى حفلتهم الأسرية .
رحلته إلى الخارج :
رحل السيد ملا إلى بلدان عديدة من العالم من الولاية المتحدة، و المملكة المتحدة ، و كندا ، و المملكة العربية السعودية، و الإمارة العربية المتحدة ، و اليابان ، و سنغافورة ، و باكستان ، و تيلندا ، و نيبال ، و ماليزيا و غير ذلك .
في عام ١٩٩٧م ذهب إلى اليابان بدعوة البعث الإسلامي الياباني ، و في عام ٢٠٠٠ م ذهب إلى الولاية المتحدة و كندا بدعوة الدائرة الإسلامية بجنوب أمريكا ، و ثم شارك في ندوات مختلفة ، و التقى بمسؤولين معدودين من الوزارة الخارجية الأمريكية ، و زار شلال نياغرا الشهير في كندا .
و في عام ٢٠٠٢ م سافر إلى المملكة المتحدة و البلدان الأوروبية المعدودة بدعوة المنتدى الإسلامي بأوروبا ، و اعتمر عدة مرات ، و سافر إلى المملكة العربية السعودية من أجل المداواة كضيف ملكي .
الزواج :
تزوج الشهيد عبد القدير ملا بابنة المير ناطق علي السيدة باغوم سانور جهان في عام ١٩٧٧م ، و له اثنان من الأولاد و أربعة من البنات .
كان السيد المير ناطق علي من سكان محافظة دناج بور ، و كان عاملا حكوميا من المرتبة الأولى ، و كان تعجبه قراءة الكتب و الجرائد .
لفتت نظر المير ناطق علي مقالة الشهيد عبد القدير ملا باسم المعراج حق علمي قد صدرت في جريدة شعبية آنذاك الإتفاق .
و بعد فترة زوج ابنته بالشهيد عبد القدير ملا

باغوم سانوار جهان و حرب التحرير :
كانت السيدة باغوم سانور جهان متخرجة في كلية إدن ، و كانت منظمة إلى السياسة الاشتراكية مثل الشهيد عبد القدير ملا كانت هي الأمينة العامة لاتحاد الطالبات في كلية إدن ، و كانت مع أبيه في كشتيا أثناء الحرب ، و كانت أسرته مشتركة في حرب التحرير بنشاطة ، و ساعدت السيدة باغوم سانور جهان مقاتلي حرب التحرير ، و كانوا لا يجدون الطعام و لا القوت في حالة أحرج ، كانت السيدة باغوم سانور جهان ترسل لهم الأطعمة و الأغذية في مثل هذا الوقت .
الحياة الأسرية :
كان الشهيد عبد القدير ملا يحاول دائما اتباع الرسول صلى الله عليه و سلم ، و امتثال جميع أوامر الله و رسوله .
كان رسولنا صلى الله عليه و سلم رئيس الدولة ، و كان زوجا مثالا لدى أزواجه رغم أشغال كثيرة ، فكان الشهيد عبد القدير ملا يعمل الأعمال الأسرية ، و يساعد زوجته رغم أشغال كثيرة .
و كان يعقد اجتماعا عائليا يوم الجمعة بالتنظيم ، و يتحدث حول القرآن و السنة ، و يداعب الأطفال ، و يمضي معهم الأوقات ، و يحافظ على دراسة أولاده ، و يحل شتى مشكلاتهم ، و يذهب بعائلته إلى السفر التنظيمي إن أمكن ، و يتصل بذوي القربى على التنظيم ، و يساعد الأقرباء الفقراء .
إذا التقى هذا الرجل المشغول بالسياسة و الصحافة بعائلته ما بدت أمارات شغله بأن هذا الرجل يسير سيره بحمل ثقيل إلى الطريق غير المحدود .
إذا التقى بأفراد الأسرة الصغيرة سنا أصبح لطيفا مثل الأطفال .
فكان الشخص الغريب يصبح صديقا له على الفور بهذه الصفات .
حياته الشخصية :
و كان من عادة الشهيد عبد القدير ملا أن يعمل أعماله الشخصية بنفسه ، و كان يحافظ على أعماله الشخصية حق المحافظة ، و كان من هواياته صيد الأسماك ، فكان يذهب إلى الأماكن البعيدة لأجل صيد الأسماك ، و يمارس الرياضة البدنية بالتنظيم ، و يقرئ الكتب رغم أشغال كثيرة ، و يداوم على القراءة ، و يواظب عليها ، و كان يشتري الكتب من صباه ، و كان له مكتبا خاصا من شبابه .
لم يقتصر هذا الرجل الإسلامي على الكتب الإسلامية فحسب ، بل كان يدرس كتب العلوم و الفلسفة و الأيديولوجيات و الديانات الأخرى ، و يقرئ كتب الأطفال و المراهقين .
كان يقرئ الكتب في الحل و الترحال .
إذا أعجبه كتاب قصه على الآخرين و أهدى إليهم الكتب ، و يقرئ الكتب الإنجليزية عن السياسة الدولية و مقالات الجرائد الدولية المطبوعة بالانتظام .
المثقف :
كان السيد ملا مرتبطا بمؤسسات تعليمية عديدة بنشاط
و حيوية ، و منها معهد الملك فيصل ، و مدرسة جالية التعليم الإسلامي .
كان قام بمسؤوليات الأمين لإدارة الملك فيصل ثلاث مرات ، و كان هو الأمين التأسيسي لمدرسة و كلية المنارة الدولية بغلشان في داكا ، و هي مؤسسة تعليمية مشهورة بداكا .
عمل طوال حياته ليجمع بين التعليم العصري و التعليم الإسلامي كمثقف إسلامي ، و حظيت كتاباته التحليلية حول التعليم بثناء كبير .
و كان يلزم حضوره في ندوات التعليم ، و كانت مقالاته تحظى بالأصالة .
لقد قدم المقالات في ندوات عديدة ، و لعب دورا مهما في إنشاء منهج التعليم لمدرسة المنارة الدولية .
إنه حرر كتبا متعددة قد نشرت من جالية التعليم الإسلامي ، و كان يتفكر دوما حول الانقلاب التعليمي من الحركة الإسلامية .
كان العديد من الكُتاب يقدمون له مخطوطات الكتب من أجل المراجعة .

 

الأنشطة الاجتماعية :
كان السيد ملا مرتبطا بالمنظمات الاجتماعية بنشاط ، و منها أكاديمية السيد أبي الأعلى المودودي للبحث ، و مدرسة صدر بور و دار الأيتام ، مدرسة صدر بور و دار الأيتام في محافظة فريدبور ، و أكاديمية الأمين بصدر بور ، و بنى المساجد في مناطق شتى من فريد بور ، و ساعد فقراء المناطق المختلفة و محافظته في العلاج و المداواة ، و أخذ الأموال من الأغنياء و أنفق في الفقراء ، و قدم المساعدة إلى شعب فريد بور و راج باري أثناء السيول ، و عاون الطلاب الفقراء ، و وزع أموال الزكاة بين الفقراء ، و لعب دورا مهما في بناء الجسور و القناطر و الآبار الأنبوبية .
غالبا ما كان يذهب إلى بيت القرية أثناء العيد و يقسم الأفراح فيما بين الناس ، و يؤدي الأعمال المسنونة في العيد ، و يلقى الناس ضاحكا و مسرورا ، و يتحدث إليهم ، و يساعد المحتاجين في العيد .
الثقافة و اللعب :
كان للشهيد عبد القدير ملا نزعة كبيرة نحو الثقافة الإسلامية، و ينشد الأنشدة الإسلامية بنفسه ، و تغنى بأغنية إسلامية في حفلات تنظيمية عديدة .
قام برعايته و دعمه لطائفة المنشدين باسم السيمم لأجل الانقلاب الثقافي في الحركة الإسلامية .
و عمل بشكل دائم على إنشاء منصة ثقافية في الحركة الإسلامية طوال حياته ، و قام بالمساعدة المالية في حفلات ثقافية عديدة ، و كان يحب اللعب و الرياضة البدنية ، و يشير النشطاء باللعب من أجل الصحة البدنية .
في عام ٢٠١٠ م اعتقل الشهيد عبد القدير ملا و زعماء الجماعة الإسلامية ، و رفعت عليه قضايا ملفقة كاذبة لا أساس لها من الصحة إلى المحكمة ، و ألصقت به تهمة مفبركة ملفقة لا أصل لها .
و في نهاية المطاف قضت في حقه المحكمة حكم الإعدام .
و في ١٢ ديسمبر من عام ٢٠١٣ م تم تنفيذ حكم الإعدام بشنقه على أعواد المشنقة.
ثم واراه التراب أقرباؤه في قريته .
نور الله مرقده ، و جعل جنة الفردوس مثواه و تقبل شهادته